ملخص المداخلات / Résumés des Interventions
** أ. د. مي العبد الله، لبنان / إشكاليات التنظير في الإعلام والاتصال وانعكاسها على بحوث التلفزيون في الوطن العربي
تهدف ورقتنا البحثية إلى التعرف على أهم الاشكاليات النظرية التي تعترض طريق علوم الاعلام والاتصال، والمعوقات التي تواجه عمليات التنظير الإعلامي في الوطن العربي، وصولا الى تبيان كيفية الخروج من هذه المعوقات.
وتكمن أهمية هذا البحث في تجسيد الواقع الفعلي لبحوث التلفزيون ومعرفة أهم المرتكزات النظرية والمعرفية التي تستند إليها، وكذلك التعرف على الإشكاليات النظرية والمفاهيمية التي تواجه الباحثين أثناء إجراء دراساتهم ومحاولة إعطاء حلول لهذه الوضعية.
كما يأخذ هذا البحث أهميته من أهمية النظرية والتنظير في أي حقل علمي، فهو الأساس الذي تقوم عليه العلوم، فموضوع نظريات الاتصال من المواضيع الواسعة والكثيرة التعقيد، وتناولها بالدراسة لا بد أن يؤسس لتطبيقات إعلامية عملية ومنهجية تساعد الباحثين في جعل هذه النظريات تخدم المنظومة العلمية بشكل عام، ويساهم في فهم مختلف السياقات الاجتماعية والسياسية والنفسية والتربوية وغيرها من الخلفيات المشعبة للظاهرة الاتصالية والإعلامية، وهذا كله بغية تحقيق عمل إعلامي سامي وفعال.
ما يميز بحوث التلفزيون هو تعدد الرؤى النظرية و تباين أسبابها وتداعياتها في هذا الميدان المتشعب، وهنا يمكن الحديث عن "فجوة العقل الاعلامي"، التي تتجلى في ثلاثة مجالات رئيسية:
أولاً- تعددية الرؤى الفلسفية والنظرية في هذا الحقل المعرفي المهم.
ثانيًا- تنوع الممارسات المهنية في وسائل الإعلام المرئي والمسموع.
ثالثًا- طبيعة الجمهور المتلقي، والتي تزخر بكثير من التباينات الاقتصادية والثقافية والديموغرافية، علاوة على تعدد مستويات الوعي السياسي والاجتماعي.
وستتناول ورقتنا بالدراسة عينة من بحوث التلفزيون العربية للتحقق من الفرضيات التالية :
1/غياب الأصالة والابداع في بحوث التلفزيون في الوطن العربي.
2/اعتماد نظريات ومناهج "البحوث الامبريقية "، حيث غلبة الوصف على التحليل.
3/إضفاء القيم الغربية على البحث وإعطائه تصورات تتفق وطبيعة النظرة الغربية للإنسان ووظيفته وعلاقته بخالقه.
4/تشتت اتجاهات الباحثين العرب بدون بروز أولويات استراتيجية واضحة في البحث.
وبالنهاية نفترض أنه لا يمكن الحديث عن مدرسة عربية متميزة في علوم الإعلام والاتصال في هذه الوضعية.
** جلال التليلي، تونس / التلفزيون العمومي وإعادة تشكيل الحقل الصحفي في تونس ما بعد 14 جانفي : قراءة سوسيولوجية في تمثل الفاعل الصحفي للمرفق الإعلامي العمومي
رغم التحولات التي يعيشها الحقل الصحفي في تونس بمختلف حقوله الفرعية على مستوى هيكلته التنظيمية وتنوع منتوجاته الإعلامية ووظائفه الاجتماعية السياسية، لم يتمكن التلفزيون العمومي من مواكبة هذه الديناميكية التي انطلقت منذ 14 جانفي 2011 بالنظر لما يتوفر عليه من تجربة مؤسسية طويلة وزاد بشري محترف وتمويل عمومي شبه قار ودعائم لوجستية، مقارنة بالمؤسسات السمعية ـ البصرية الخاصة. ولئن كان التلفزيون العمومي يحمل نفس إرهاصات تجدد الحقل الصحفي بتحدياتها التنظيمية والمهنية ورهاناتها السياسية والمجتمعية في مواجهة مرحلة جديدة من الحريات الصحفية غير المسبوقة لم يكن مؤهلا لتحمل متغيراتها، فإن ضغط التطبّع الصحفي الخصوصي والطبيعة العمومية الموروثة لمؤسسة التلفزيون إلى جانب رهانات الحقل السياسي تجاه الإعلام العمومي، تمنعن هذه المؤسسة من متابعة ما يعتمل من تغيرات طارئة على ثقافة الزبونية الإعلامية وروتين التنظيم الإداري لمؤسسات الحقل الصحفي. إن ما يلاحظ من صعوبات القطاع البصري العمومي في التكيف مع إعادة هيكلة الحقل والتردد في ممارسة سلوك المبادرة الإعلامية والإبداع الصحفي شكلا ومضمونا، إنما تعيق استراتجيات المنافسة على المواقع داخل تراتبية الحقل وتعطّل تدعيم رأس المال الرمزي للفاعل الصحفي في هذا القطاع، وهو ما يضعف من فرص تطوير المرفق الإعلامي العمومي بوصفه مكونا أساسيا لبناء سلطة رابعة مؤهلة نظريا للالتزام بإعلام حر مستقل وتعددي، يضمن حق العموم من دافعي الضرائب بتنوعهم وتعددهم في الخبر الصحيح والرأي الناقد والمساعدة في فهم المحيط للاستفادة من فرصه واتّقاء مخاطره.
تبدو وضعية القطاع السمعي البصري العمومي ثلاثية العوامل الفاعلة في تراجع أدائه شكلا ومحتوى وضعف قدراته على المنافسة في مشهد إعلامي متعدد الفاعلين، متنوع المنتوج، متجدد الآليات متميزا بحركية صحفية واسعة بين مؤسساته في إطار من إعادة هيكلة للحقل على أسس من حريات الرأي والتعبير والنشر مختلفة عن تاريخ طويل من الهيمنة والرقابة والاستعمال السياسي في الدعاية مثلت خلاله الدولة أحادية المصادر كما الزبون الأساسي لخدمات صناعة صحفية تحويلية مدولنة. فالعوامل الخارجية والداخلية المؤثرة في اشتغال القطاع البصري العمومي يمكن تصنيفها إلى ثلاثة أنواع من العوامل:
ـ سلسلة أولى مرتبطة بموقع القطاع العمومي في الاقتصاد والخدمات بما فيه القطاع الإعلامي، من حيث الرقابة الحكومية غير المباشرة والبنية التنظيمية المترهلة والإطار القانوني المتقادم بأدائه الإنتاجي الضعيف ووظائفه الاقتصادية الاجتماعية التي استحالت إلى مجرد وظائف إسعافية تنهض النفقات العمومية بكلفتها المالية والاقتصادية بسلوك التوظيف الإداري العمومي في التعيينات والترقيات على حساب الإنتاجية، مقابل قطاع خاص ما فتئ ينمو رغم كلفته الاجتماعية على مستخدميه.
ـ سلسلة ثانية من العوامل تحيل على خصوصية الحقل الصحفي من حيث تاريخ الثقافة الصحفية الموروثة في أشكال من التطبع المرتهن بالطبيعة التسلطية للنظام السياسي وممارساته الزبونية لم تتوفر للفاعل الصحفي في القطاع العمومي الفرص القانونية والمهنية والسياسية الضرورية لتجاوزها، أما من حيث السياق فإن المتغيرات الإعلامية الجديدة تضع القطاع البصري العمومي أمام تحديات منافسة غير متوازنة من قبل قطاع خاص كثيرا ما لا يلتزم بأخلاقيات المهنة ولا بالمسؤولية الاجتماعية متعمدا صحافة الإثارة طلبا للربح السريع لكنه متحرر المبادرة ومتنوع البرامج شكلا ومضمونا.
ـ سلسلة العوامل المرتبطة بمحاولات الهيمنة السياسية على المرفق الإعلامي العمومي كما أكدته تجربة أول الحكومات المنبثقة عن انتخابات المجلس الوطني التأسيسي حيث مثل الإعلام العمومي والبصري بوجه خاص مدار رهانات وصراعات استقطابية بوسائل مباشرة وأخرى غير مباشرة تمحورت حول التعيينات الإدارية والضغط على سياسات التحرير باستخدام جماعات الضغط وصلت حدّ التهديد بخوصصة القطاع.
يقود اختبار هذه الفرضيات إلى استقصاء الفاعلين الصحفيين في مجال البصري والصحافة المكتوبة في القطاعين العمومي والخاص، من خلال مقابلات نصف موجهة للكشف عن الارتباطات الميدانية بين مختلف هذه العوامل في تمثل الفاعل الصحفي ومقارنة علاقته بالفاعل السياسي في القطاع العمومي بعلاقة نظيره في القطاع الخاص بالفاعل الاقتصادي. أما الآليات التنظيمية لأنظمة التشغيل تعيينا وتشغيلا وتأجيرا تعاقديا فستتم مقارنتها في التمثلات الصحفية من حيث الفاعلية الإنتاجية وتوفر هامش المبادرة للفاعل الصحفي في القطاعين. غير أن التعاطي الصحفي مع جملة هذه العوامل الخارجية والداخلية يقود إلى ممارسات مهنية متمايزة بين القطاعين حسب مواقع الفعلين داخل تراتبية الحقل الصحفي ودرجة رأس المال الرمزي المتوفر عليه تتيح للبعض إمكانيات تدعيمها باتباع استراتيجيات هجومية في القطاع الخاص، لكنها تعطل البعض الآخر في القطاع العمومي وتكبله داخل استراتيجيات دفاعية.
** أ.م.د. هالة كمال أحمد نوفل، مصر / إشكاليات خطاب العولمة الإعلامى الأمريكى الموجه بالعربية على مواقع التليفزيون والراديو على الانترنت التحديات والسياقات الجديدة
تعد القنوات والإذاعات الدولية المرئية والمسموعة الأمريكية من أولى وسائل الإعلام التي بدأت عمل مواقع لها على الإنترنت لعرض وجهات النظرالأمريكية وتوجيه خطابها الإعلامي أحادي الجانب بوصفها تحتكر نسبة 95% منه وكذلك تقوم بتلميع السياسة الأمريكية والتخديم عليها كأداة من أدوات الحرب الإعلامية ضد العالم العربي، وذلك بعد أن نجحت في استخدام الإعلام في صياغة عقلية "المواطن الأمريكي" بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وأهمية التوجه الإعلامي للمنطقة العربية من أجل إحداث تغيير جوهري في العقلية العربية.
وعليه تفترض الدراسة أن ثمة اختلاف فى إشكاليات تقديم خطاب العولمة الإعلامى الأمريكي على مواقع القنوات التليفزيونية والمحطات الإذاعية الموجهة بالعربية على الإنترنت، بل أن هناك ثمة اختلافات على مستوى الخطاب الإعلامى الأمريكى المقدم من خلال خدمات المواقع الإلكترونية لهذه الفضائيات من قناة أو إذاعة إلى أخرى، وبالتالي فإن خطاب العولمة من خلال هذه الوسائل قد يلتقي في بعض الجوانب وقد يختلف في جوانب أخرى.
وهكذا تبرز قضية العولمة في سياق جديد، متمثلة في محاولة فرض وتسويق القيم الأمريكية كقيم مشتركة وعالمية من خلال مواقع القنوات التليفزيونية والمحطات الإذاعية الدولية ومحاولة تضييق الفجوة بين المواقف الإيجابية نحو القيم الأمريكية والمواقف السلبية تجاه السياسات الأمريكية .
كما تقدم العولمة الأمريكية بذلك شكلاً جديداً من السياقات الجماهيرية العالمية، ومن خلال الوسائل الإعلامية التي تفرض بعداً جديداً وتمثل شكلاً من أشكال الهيمنة الثقافية التي تعمل على إضفاء طابع التجانس ولها قدرة امتصاصية ضخمة للأشياء وإعادة تشكيلها في سياق التصور الأمريكي للعالم الجديد.
ومن هنا تأتي أهمية هذه الدراسة التي تتناول إشكاليات خطاب العولمة الإعلامى الأمريكى الموجه بالعربية على مواقع التليفزيون والراديو على الانترنت .. التحديات والسياقات الجديدة. من خلال مواقع القنوات التليفزيونية والمحطات الإذاعية الأمريكية المسموعة والمرئية الموجهة بالعربية وهما إذاعة راديو سوا وقناة تليفزيون الحرة الأمريكيتين والتي وقع الاختيار عليهما باعتبارهما وسيلتين مستحدثتين خصيصاً في الدبلوماسية المهيمنة والترويج للخطاب الإعلامي الأمريكي لاختراق الواقع العربي والإسلامي وتقديم جرعات تغريبية تخديرية تحول دون فهم الواقع المعاش وإمكانية نقده أو تغييره بغرض تحسين صورة أمريكا لدى الشعوب العربية .
كما فرضت سرعة تداول الأنباء على الإنترنت أن تبني المحطات الإذاعية والقنوات التليفزيونية مواقع لها، وفرضت عليها أن تتخلى عن دورها التقليدي في تقديم المعلومات والبرامج إلى تأسيس مواقع لها على الشبكة الدولية للمعلومات كخدمات إخبارية متكاملة تبث برامجها يومياً أو أسبوعياً أو أقل وذلك تبعاً للتحديث، حيث يتم تقديم الخدمات الإخبارية اليومية كشرط أساسي للقنوات وللإذاعات الدولية الأمريكية المسموعة والمرئية بالإضافة إلى المضامين الأخرى الرياضية والاجتماعية والثقافية، والصور وخدمات الأرشيف والربط بمواقع أخرى فضلاً عن كافة الإمكانات الأخرى المقدمة، ومن ثم تتمثل مشكلة البحث في إشكاليات الخطاب الإعلامى الأمريكى الموجه بالعربية على مواقع التليفزيون والراديو على الانترنت .. التحديات والسياقات الجديدة.
تنتمي الدراسة إلى حقل الدراسات الوصفية كما تعتمد على منهج المسح بشقيه الوصفي والتحليلي لتوصيف وتحليل أطر الخطاب الإعلامي الأمريكي وآلياته وأدواته كما تستخدم أداة التحليل الدلالي Semantic Analysis كأكثر الطرق موضوعية ومنهجية لفهم وتوصيف واكتشاف المضمون
كما تسعى الدراسة إلى وصف الخدمات الإخبارية والنصوص التي تقدمها مواقع راديو سوا وتليفزيون الحرة الأمريكيتين بالعربية لمعرفة إلى أي مدى تستفيد هذه المحطات من الوسائط المتعددة (الصوت – الفيديو – الصور) بخلاف البث المباشر التي أتاحته الإنترنت في تقديمها للخدمات الإخبارية .
كما تعد في جزء منها من الدراسات المستقبلية حيث تحاول استشراف رؤية لصياغة الخطاب الإعلامي المعولم ودور الدول العربية في التصدي له .
كما قامت الباحثة باختيار موقعين لوسائل الإعلام الدولية الأمريكية على الإنترنت خلال ستة أشهر، بداية من شهر يناير وحتى نهاية شهر يوليو 2015
- موقع راديو سوا باللغة العربية
- موقع تليفزيون الحرة باللغة العربية
وقد توصلت الدراسة لعدة نتائج نعرض لأهمها :
1- تميز موقعا راديو سوا وقناة الحرة بتقديمها للخدمات التفاعلية والتواصلية والمعلوماتية عبر الإنترنت التي يميزها عن غيرها من وسائل الاتصال الأخرى وتنفرد بسمات اتصالية أخرى أبرزها تحقيق الاتصال التفاعلي Interactive Communication وديمقراطية الاتصال Democratic Communication التي يفترض أن تحقق الإشباع المعلوماتي المطلوب.
2- كشفت النتائج عن ارتفاع معدلات التحيز في الخطاب الإعلامي الأمريكي الموجه وهيمنة التيار المحافظ المتطرف على مصادر المعلومات وتشكيل الأطر الإعلامية وإنتاج الأفكار والمعاني الأمر الذي يعكس غلبة الطابع الأيديولوجي على الطابع الثقافي وتسويق المفاهيم والتصورات المستخدمة في نظريتي صراع الحضارات ونهاية التاريخ.
3- أوضحت النتائج بروز أطر الصراع والنموذج الأمريكي والديمقراطية تليها القيم المشتركة والهيمنة بينما جاءت قيم العلمانية وقبول الآخر في موقع متأخر نسبياً وهو ما يعكس سعي الخطاب العولمي الأمريكي لفرض النموذج الأمريكي بوصفه البديل الوحيد المجسد لنظرية نهاية التاريخ .
4- كشفت النتائج أن أهم وأبرز سمات الخطاب الإعلامي الأمريكي أنه يعكس نزعات الهيمنة والتسلط ويتناقض مع الشعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية، كما أنه يحرض القوى الدولية على التصدي للقيم العربية والإسلامية جاعلاً خصماً حضارياً بديلاً عن الشيوعية، كما أنه خطاب أحادي التوجه يستند إلى النموذج الواحد ويروج للقيم ذات البعد الواحد والفكر الواحد ويتجاهل التنوع الثقافي والخصوصية الحضارية.
7- رغم كل الانتقادات الواسعة للنموذج الأمريكي السياسي إلا أن بعض القيم الأمريكية حظيت بالردود والأفعال من جانب أغلب المبحوثين التى تتجه إلى الفصل بين السياسة والحضارة وبين الإباحية والانحياز وتضيق الفجوة بين الثقافتين العربية والأمريكية وهو ما يتفق مع نموذج التحول الثقافي الذي يوضح التفاعل مع دوائر المعايير والقيم والافتراضات البسيطة والمنتجات وانعكاسها على ثقافة الفرد ومن ثم قيادته بشكل تدريجي إلى تغير ثقافته.
** أ. د. عبد الله محمد الرفاعي، المملكة العربية السعودية / البيئة الإعلامية والانتقال الإعلامي
إن علاقة البيئة الإعلامية بمستقبل صناعة الإعلام وبالتالي طبيعة القضايا التي تطرحها المؤسسة الإعلامية علاقة مؤكدة، فطبيعة السياسات في مجال الاتصال، وطبيعة الممارسات، وطبيعة نظم التحكم، والسيطرة، ومستوى الأداء المهني، وأساليب تأهيل الإعلامي، كل هذه أمور تؤثر في شكل ومضمون المخرج الاتصالي النهائي والذي بدوره يحدد مستقبل المؤسسة. البيئة الإعلامية تحفل بالعديد من المتغيرات المتداخلة، والفاعلة، والمتناقضة بشكل كبير، وهي بالتأكيد لها دور مباشر في تشكيل وتعزيز وإتاحة الفرص للإعلامي في ممارساته ومعالجته لقضاياه، وهي كذلك تؤطر التناول والرؤية والمفاهيم لدى الإعلامي. لذلك يجب دراسة البيئة الإعلامية بشكل تفصيلي إذا ما أردنا إنجاح عملية الانتقال التي تعيشها صناعة الإعلام العربي حاليا، من هنا تسعى هذه الورقة لرصد ناقد للحراك البحثي الخاص بدراسات البيئة الإعلامية وتأثيراتها المختلفة عل النشاط الإعلامي لننطلق من خلالها لمقاربات صحيحة تساعدنا في تحقيق الانتقال المنشود. لقد تعددت الدراسات والمداخل التي تناولت البيئة الإعلامية ذاتها، والعوامل المؤثرة فيها سواء أكانت هذه الدراسات تتركز بشكل كامل على الأبعاد النظرية العامة، أم بالتطبيق على بيئات إعلامية محددة، أو تلك التي تناولت قضايا محددة، وطبيعة تناولها في السياق الاتصالي وتفاعلها معه. كما تعددت النظريات التي تناولت تأثير البيئة الإعلامية على المنتج الإعلامي من خلال تأثيرها على القائم بالاتصال في تحديد مفاهيمه واتجاهاته. كما تم وضع أسس جديدة لتوضيح طبيعة النظم الاتصالية الحديثة وعوامل السيطرة ومكامن القوى فيها والمتغيرات الحاكمة للبيئة الاتصالية وركزت دراسات أخرى على أسس العلاقة بين مصادر القوة في المجتمع وتأثيرها على الأداء الإعلامي بالتركيز على البيئة الإعلامية الغربية؛ وتحديد أهم المتغيرات الفاعلة في البيئة الاتصالية. وركزت دراسة على أربعة أبعاد رئيسة تحدد طبيعة المنتج الاتصالي، ومراكز السيطرة عليه، والتحكم فيه، وجميعها تنطلق من أبعاد اقتصادية ذات تخللات غير اقتصادية، والمنطلق الاقتصادي ذاته هو ما انطلقت منه دراسة أخرى حددت عدة أمور اقتصادية تمثل الدورة الاقتصادية للمنتج الاتصالي ومدى تداخلات بقية العناصر المجتمعية فيه، بالإضافة إلى التعرض للمواقف الاقتصادية التي تعترض مسيرة المؤسسة الإعلامية مثل العرض والطلب، وتشوه السوق، إضافة إلى تحليلات مفصلة لهيكلة المؤسسات الإعلامية وجميعها يتم معالجته من خلال تطوير المحتوى أو الفكرة أو المنتج الاتصالي.
** د. جمال زرن، قطر / تعديل البث الفضائي العربي وقضايا التنظيم : دراسة مقارنة
يؤطر موضوع تنظم البث الفضائي العربي -عادة- ضمن مقاربة كيفية وهو ما يستدعى احاطة بالبعد الكمي فيه أيضا قبل الخوض في تشعبات تعديله. وبعيدا عن التحقيب المتعسف، يعتبر بروز البث الفضائي العربي منذ بداية التسعينات من القرن الماضي وتبعاته بمثابة مرحلة "ما قبل الربيع العربي" على المستوى السياسي والاجتماعي، فإليه يعود الفضل في تحويل الشأن السياسي والذي كان لعشرات السنين من شأن خاص إلى شان عام يتجادل حوله الناس ونخبهم وفي بعض الأحيان حكامهم وذلك بشكل مباشر. هكذا بات البث الفضائي العربي بشقه الخاص والعام نقلة نوعية كبرى في تشكل بيئة سياسية وفكرية جديدة في المنطقة العربية تقطع مع الماضي. أصبح الصراع على الشارع العربي صراع على الفضائيات والصراع على الفضائيات بدوره صراع على الشارع العربي. إنه صراع بين النخب وصراع بين المصالح وصراع أيضا بين أنظمة النظام الرسمي التي طفت بدورها إلى سطح البث الفضائي لاحتلال موطئ قدم، وقد ساعدت عدة عوامل عدة في التسريع بتشكيل خارطة بث فضائي عربي جديد في المنطقة منها ما هو داخلي ومنها ما هو خرجي.
على هدي ما تقدم فإن هذا البحث يسعى إلى تناول الإشكالية الآتية : إلى أي مدى يمكن الحديث عن بث فضائي عربي في غياب آليات تنظم هذا البث وتعديله؟ إن حقيقة وجود بث فضائي عربي على المستوى التقني أي الإرسال والاستقبال مجسدا في الأقمار الاصطناعية العربية مثل عرب سات ونايل سات أو على مستوى وجود جمهور عربي متجانس أو من خلال لغة بث عربي واضحة يعتبر محل اجماع. غير أن كل تلك المحددات غير كافية اليوم للحديث عن بث فضائي عربي وذلك لغياب جهاز رسمي عربي يسهر على تعديل هذا البث وتنظيمه. فهل هذا ممكن؟
هذا ما ستحاول أن تجيب عليه هذه الدراسة.
** د. أشرف فالح الزعبي ود. محمد خويلة، الأردن / أثر الصورة على المتلقي من خلال التلفزيون بالتقنيات والتكنولوجيا الحديثة
يقول العالم الأمريكي (جيروم برونو) المشهور بدراسته عن التفكير إن 90% من مداخلاتنا الحسية هي مداخلات بصريه وبالمقابل فإن التلفزيون هو أكثر وسائل الإعلام شيوعاً في التعبير البصري.
أصبح عصرنا هو عصر الصورة، ولأهمية الصورة ووظائفها المتعددة من خلال تكوينها المتقن أصبح المشاهد على قدرة كاملة تحليل مضمونها، وما ترمي اليه من أهداف متعددة، وباعتبارها أيضا وسليه اتصال مهمة للمتلقي وبناء الصورة النمطية عل كل الإحداث والإخبار التي تصلنا من مختلف أنحاء العالم، ودورها المهم والمتنامي بالنسبة لمجتمع اليوم، بات من الضروري استخدام أدوات وأشكال محدثة ومتطورة في عملية صناعة الصورة، أننا في عصرنا الراهن نعيش حرباً إعلامية طاحنة بين إعلام الظلمة الحالكة المتمثل بالإعلام الرسمي في مختلف الدول وإعلام النور المبهر المتمثل بالإعلام الخارجي والخاص حسب تعدد الآراء، فالأول يقوم على التعتيم والثاني يقوم على التضخيم، والصورة تستخدم كوسيلة لغاية هذا الإعلام أو ذاك، لذا لابد من رؤية الصورة من أكثر من جانب أو من أكبر عدد من الجوانب الممكنة، ربما يكون هذا الأمر مرهقاً لأنه يستدعي متابعة عدد من القنوات الإخبارية، لكنها الطريقة الوحيدة للوصول إلى أكبر قدر ممكن من المعلومات والحقيقة خاصة، مع العلم أن الفضائيات "لا تقول عن زيتها عكر".
ومع ذلك يرى الباحث أن يتحول كل متلقي إلى ديكارت ويشك بكل ما يراه على مبدأ، كل ما أراه كاذباً حتى يثبت العكس باعتبار أن الصورة تحتاج إلى تدقيق ويجب أن تحوي وتغطي جميع جوانب الخبر للمتلقي.
مشكلة الدراسة : تتمحور مشكلة الدراسة حول الصورة التي تعتبر أفضل من الكلمات في عمليات الدعاية والإعلان وإيصال المعلومات والأفكار فلم تعد الصورة بألف كلمة كما كان يقول المثل الصيني القديم، بل ربما أصبحت بملايين الكلمات، فلا ننسى أحداثاً قريبة مثل هجوم الطائرات على برجي التجارة العالمي في نيويورك في 11 سبتمر 2001، وصور سقوط تمثال صدام حسين في قلب بغداد وصورة قتل الطفل محمد الدرة، أو من الصور المعاصرة : الصورة التي قيل أنها صورة أسامة بن لادن بعد قتله، أو صورة ميدان التحرير في مصر لحظة تنحي حسني مبارك أو صورة البوعزيزي الذي أحرق نفسه وغيرها من الصور التي فاق تأثيرها في الوعي البشري بملايين الكلمات.
ويكاد لا يخلو أي خبر يعرض على القنوات الفضائية من دون صورة، بل ربما لم يعد، وزادت الصور الخبر وأصبح ضعيفاً إذا احتوى صورة واحدة فقط، وتزداد قوة الخبر ومصداقيته كل ما زادت الصور المرافقة له، وعندما أقول صورة أعني صور ثابتة (فوتوغرافية) وصور متحركة (فيديو)، ولكن أحياناً تكون هذه الصور حقيقية ويبنى عليها قصة كاذبة إذا أحتوى الخبر على صورة واحدة، وأحياناً تكون الصور كاذبة ويبنى عليها قصة كاذبة، أو يكون وضعها في سياق معين يؤدي لمعنى مغاير للمعنى حقيقي.
** د. محمد قنطارة، الإمارات العربية المتحدة / التعديل في المجال السمعي البصري التونسي : المفارقة الصعبة
من المقطوع به أن المرسوم 116 الصادر بتاريخ 2 نوفمبر 2011 الذي أحدثت بفضله الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري شكل نقلة هامة في اتجاه وضع القطاع السمعي البصري التونسي على سكة التعددية الإعلامية وحرية التعبير وفتح بابا عريضا للمسار الديمقراطي.
وقد شكل إحداث هذا الهيكل مطلبا أساسيا عبرت عنه أطرافا عديدة داخل المهنة وخارجها وذلك بهدف القطع مع الممارسات التي كانت قائمة قبل الثورة التونسية والتي كان للحاكم فيها اليد عليا في إدارة الشأن السمعي البصري أكان الأمر يتعلق بإحداث المحطات الإذاعية والتلفزيونية أو بضبط القواعد التي تسير عليها أو بمراقبة أداء هذه الأخيرة.
وتجدر الإشارة في هذا المجال إلى أنه وبالرغم من أن قانون الاتصالات الصادر في 5 جانفي 2001 ألغى احتكار الدولة للقطاع السمعي البصري الذي أقره الأمر العلي للباي الصادر بتاريخ 25 أفريل 1957 فإن الحاكم وبفعل عدم استصداره للنصوص التطبيقية المتعلقة بهذا المجال قد أحدث فراغا قانونيا مكنه من أن يتصرف بكل حرية.
هذا وقد تمكن نظام الرئيس بن علي بفضل هذا الفراغ من إبرام اتفاقيات بينه وبين 6 إذاعات ومحطتين تلفزيونيتين رسم فيهما الواجبات المطلوبة من هذه المؤسسات الإعلامية محددا بالأساس هامش حريتها.
علما أن هذه الاتفاقيات قد أبرمت في أغلبها مع أشخاص ينتمون إلى عائلة الرئيس بن علي وعائلة زوجته ليلى الطرابلسي أو مع شخصيات مقربة من نظامه. في حين أن عديد المطالب لإحداث محطات أخرى بقيت دون إجابة تذكر. وقد تحصلت البعض من هذه الإذاعات بعد الثورة على تراخيص وعددها ثماني إذاعات وسبع قنوات تلفزيونية.
ولكن وبالرغم من هذا المكسب الكبير الذي أتاحته الثورة التونسية فإن هذا التعديل وبخاصة إحداث وسير عمل الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري عرف تعثرا ملحوظا أوحى أحيانا بأن عمل هذه الهيئة وقراراتها غير مرغوب فيها من قبل على الأقل طيف من المؤسسات ورجال الإعلام الذين أصبحت علاقاتهم مع أعضاء الهيئة صعبة إن لم نقل رديئة للغاية.
المداخلة التي نقترح تولى تقديمها في الملتقى الذي ينظمه معهد الصحافة وعلوم الأخبار يومي 6 و7 تحاول أن تقدم تحليلا لهذا الواقع الذي لا يختلف حوله اثنان.
وتحاول المداخلة في هذا السياق أن تأتي في شكل مقاربة شاملة للمسار السمعي البصري التونسي وبخاصة منذ الثورة التونسية الذي يتصف ببعض السمات التي تعطي انطباعا حقيقيا بأن المحيط غير مهيأ لعملية التعديل برمتها.
إن اختيارنا لهذه المقاربة متأت من أن دراسة المشهد الإعلامي لا يجوز إلا وبالأساس من زاوية شاملة تأخذ في الاعتبار واقعا معقدا يتداخل فيه السياسي مع الاقتصادي والثقافي.
ولقد أثبت عالم الاجتماع الفرنسي مارسيل ماوس في بحثه حول الهبة في مجتمع بدائي أن هذه المقاربة الشاملة للظواهر قادرة على أن تكشف لنا كنه الأمور وذلك لم لهذه الأخيرة بالفعل من فاعلية في نحت صورة متكاملة للواقع المعيش.
وما تجدر الإشارة إلى كذلك أن المدرسة النقدية للإعلام وبالأخص رواد مدرسة فرنكفورت التي أسست مقاربات جريئة في مجال الاتصال وكذلك الشأن بالنسبة إلى مدرسة الاقتصاد السياسي تؤكد على أهمية الإعتماد هذه المقاربة الشاملة وأن الدراسات التطبيقية لا يمكن إلا أن تعطي نظرية جزئية تفتقر إلى إطار نظري أوسع يربط السلوك الاتصالي بالسياق الاجتماعي الأكبر.
وإما في ما يتعلق بالمنهج المعتمد فإننا نستخدم البحث التوثيقي وهو الذي يعرفه المختصون بأنه النهج المستخدم للتعرف على المعلومات الموثقة تمكن تيسر القيام بالبحوث العلمية علما أن هذا المنهج يمر على مراحل يكون أهمها البحث والتعرف على الوثائق والوصول إليها ودراستها وتحليل مضامينها.
وتتركز المداخلة المقترحة على محورين أثنين نسعى من خلالهما إبراز الأمر التالي : عديد العوامل تبقى شاهدة على أن سوق الإعلام التونسية غير مهيأة الآن و منذ الثورة على أن تتفاعل بطريقة إيجابية مع عملية التعديل ومع إحداث ذراعها وهو الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري.
ولعل الأمر قد يقودنا إلى القول أن السوق التونسية غير ناضجة بالفعل بما فيه الكفاية لهذا التعديل. ولعله يمكن القول بأن هذا التعديل سابق لأوانها. هل يمكن لقطاع يشكو بشهادة عديد الباحثين من عديد الإخلالات والذي يعرف عديد الهنات أن يختصر كل المراحل للمرور إلى التعديل. هل يمكن أن يتم هذا قبل أن ينجح القطاع السمعي البصري في أن يتجاوز عديد العقبات ومن بينها الذهنية والتنظيمية.
المحور الأول يتعرض إلى نزعة النقد والانتقاد وحتى الرفض التي مازلت تمارس إزاء الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري. وهي الهيئة التي لم تحدث فعلا إلا بعد تقريبا سنتين من نشر المرسوم 116 الذي أذن بها والتي عرفت تأخيرا لانطلاق أنشطتها بسبب ما اعتبره البعض مماطلة من السلطة.
كما يدرس البحث الصعوبات التي جابهتها عند إعلانها عن التراخيص الممنوحة للتلفزيونات ثم إقرارها لكراس الشروط المنظم لممارسة النشاط السمعي البصري.
وقد وصلت الأمور في هذا المجال إلى التهجم على بعض أعضاء هذه الهيئة التي عانت بدورها من صراعات داخلية أدت إلى استقالة بعض أعضائها.
ويمكن أن نفترض في هذا السياق أن هذا الوضع تفسره الرهانات المطروحة ولو جزئيا بعد الثورة والمتمثلة في تسييس المشهد السمعي البصري بما في ذلك بروز ما يفترض المال الفاسد والرغبة بالنسبة إلى بعض الإعلاميين الانقضاض على السلطة وافتكاك مواقع في المشهد السياسي.
المحور الثاني يبحث في أحد أسباب هذا التعثر وهو عدم اكتمال السوق السمعية البصرية التونسية التي مازالت تشكو اليوم من عدم وجود تنظيم يمكنها من أن تشتغل في ظروف مثل تلك التي تميز نظيراتها. ويمكن أن نخص بالذكر في هذا الصدد قطاع الإشهار الذي يشكل أحد الصراعات القائمة بين الهيئة والمهنيين وكذلك الأمر بالنسبة إلى مسألة قيس الشاهدة والإستماع. ويمكن أن نذكر دائما في نفس السياق غياب هيكل للتعديل الذاتي خاص بالإشهار.
إن الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري ليست معزولة عن نسيج إعلامي يقوم فيه كل هيكل بدور ما وتساهم فيه هذه الأخيرة بتحقيق جانب من التكامل المنشود والقادر بالاعتماد على تجارب الدول المتقدمة أن يؤسس للسلامة المرجوة.
ومن الطبيعي أن نطرح من هذه الزاوية مسألة مدى فاعلية هذا التعديل الذي يبدو مسقطا على نسيج غير مكتمل وعلى لم يستقر ولا يلتزم بجملة من الأخلاقيات والسلوكيات المهنية السليمة.
أما بالنسبة إلى المراجع التي ستعتمدها فإنه من المنطقي أن يتم الاعتماد على ثلاثة أصناف من المراجع : أولها الأدبيات المتعلقة بالثورة التونسية، ثانيها تلك التي اهتمت بقطاع الإعلام والتي صدرت بعد الثورة وهي شملت بعض الكتب والمقالات، ثالثها الأدبيات التي تخص الأسس المنهجية وهي معروفة.
** د. العربي بوعمامة، الجزائر / التلفزيون والخدمة العمومية، رؤية ابستيمولوجية لتجاذبات العلاقة بين المرفق العمومي والقطاع الخاص وإعادة تشكل فضاء النفوذ التلفزيوني
تتناول هذه الورقة بالتحليل الإشكاليات التي إستنبتتها مختلف التحولات اللصيقة بتراجع وانكماش دور التلفزيون في أداء الخدمات العمومية، خصوصا في ظل الراهنية الخاصة المطبوعة بتناسل الإستثمار الرأسمالي في قطاع الإعلام، وما يعرفه المشهد الإعلامي من اكتساح القطاع الخاص بفصل الديناميات التي ولدتها تكنولوجيات الاتصال والتواصل الجديدة. والانخفاض المستمر في الخدمة العمومية التي هي في الأصل خدمة المصالح المشتركة لجميع أعضاء المجتمع. إننا نعيش في زمن عالمي نعرف فيه مباشرة ما يحدث في أصقاع المعمورة ومع ذلك لو قارنا هذا الوضع بالستينات من القرن الماضي لوجدنا أننا لا نعرف في نهاية المطاف شيئا، وربما نعرف تراجع دور المجال الإعلامي sphère médiatique كمحرك رئيسي في المجال العام sphère public باعتباره تلك الفضاءات التي تحتضن المناقشات العلنية بكل حرية حول مختلف القضايا التي تهم الجميع، وذلك باستعمال المنطق والحجج العقلية بالمفهوم الهابرماسي. من جهة أخرى نستهدف من خلال هذه الورقة البحثية توفير أرضية معرفية و نظرية متينة لمقاربة مفهوم الخدمة العمومية وأدوار التلفزيون في المجال العمومي (Public Sphere) وكسب رهان الإنتقال الديمقراطي المجتمعي وتوطين مفهوم الحق في الإعلام والاتصال. كما نروم استجلاء رهانات تحول التلفزيون العمومي في ظل مزاحمة القطاع الخاص وانبلاج ظاهرة البث الفضائي. وفي الختام، سبل وآليات تطوير القطاع العمومي والدفع به ضمن رؤية جديدة.
** د. محمد عبدالوهاب العلالي، المغرب / الفضائيات العربية بين الداعية والصحفي (دور الإعلام التلفزيوني في إعادة بناء المجتمعات العربية)
عرف المشهد الإعلامي العربي في السنوات الأخيرة إطلاق العديد من القنوات الفضائية الدينية التي باتت تستقطب شريحة واسعة من المشاهدين في شتى أقطار الوطن العربي.
لعل بروز القنوات الفضائية الدينية والإقبال عليها من بعض الفئات الاجتماعية يمثل حاجات اجتماعية ونفسية وثقافية إلى المعرفة الدينية التي تخص شرائح واسعة من المواطنين في البلدان العربية والإسلامية في ظل عدم الرضا وعدم الثقة في القنوات الحكومية واتجاه القنوات الخاصة إلى الترفيه.
كما أن اللجوء إلى هذه القنوات يشكل ردا على عمليات التحديث القسري التي تعرفها العديد من المجتمعات العربية الإسلامية باعتبار أن جزءا هاما من المواطنين يئنون تحت وطأة حالات اغتراب حقيقي أمام كثافة الإعلام الوافد والتهديدات التي تمس الهوية العربية الإسلامية وتقود جزءا من الناس للوقوع في شراك أصناف الاتصال الديني.
غير أن ما لا يشكل مصدرا للاطمئنان هو نوعية المعرفة الدينية التي تقدمها الفضائيات الدينية، ومدى تأهيل عدد نشطاء الوعظ الديني والدعاة وليس الصحفيين لتقديم فتاوى وقراءات وخطابات في غاية التعقيد قادرة أن تقود الناس إلى الفعل.
ومن حيث الشكل فإن نجاح العديد منها يرتبط بمستوى التقنية العالية الذي تقدم إنتاجاتها. فالمسلسلات الدينية الرمضانية ترصد لها أموال هائلة. وهو يجتذب المشاهد لمتابعة حلقات العديد من هذه المسلسلات. وإذا كانت قلة من هذه القنوات تتوفر على مهنية عالية في تقديم الخطاب الديني وفق معايير معرفية وعلمية، فمن خلال بعض الملاحظات الجزئية يتبين الغالبية العظمى تفتقد إلى الحد الأدنى من مكونات العمل التلفزيوني وأن ما يهمها بالأساس هو البعد السياسي في العملية.
فطبيعتها قنوات مذهبية تعاني معضلتين أساسيتين: الأولى في كونها منقسمة على الذات وتروج لمذاهب ومدارس مختلفة داخل بلدان العالم العربي والإسلامي. وبالتالي فالطابع الغالب على ممارساتها الإعلامية هنا هو التجزئة والخوض في نقاشات تهم أوضاعا سياسية بالغة التعقيد في مجتمعات قائمة على تعدد المذاهب أو تعدد الأديان ولم تتطور بعد بها قيم التعددية والتنوع الثقافي والعيش المشترك. أما الملاحظة الثانية فتكمن في اعتماد منهج الخطاب الديني التقليدي نفسه في صيغه الجامدة غير المنفتح على الآخر وعلى الواقع.
وبالتالي فالدور الذي تقوم به هذه القنوات يحول جزءا منها إلى صنف من الإعلام الطائفي الذي يساعد على التجزئة وإثارة النعرات بين الجماعات على المستوى الداخلي وإلى عرقلة مسلسل الحوار بين الأديان والتسامح.
كما تطرح مسألة الفتاوى التي يأتي بها العديد من الدعاة أو نشطاء الممارسات الإعلامية الدينية العديد من القضايا. فأولها هي تضارب العديد من الفتاوى وسيادة جزء كبير من الخطابات الغريبة القائمة على الخرافة والدجل. وهذا يطرح مسؤولية السلطات العمومية وهيئات التقنين المختصة على أصعدة متعددة لاتخاذ ما يلزم من إجراءات للحد من تأثير أشكال الدجل عبر وسائل الإعلام، خاصة إذا علمنا أن بنية المجتمعات العربية الإسلامية باعتبار النسبة العالية للأمية وضعف مستوى الوعي العام تتوفر على شروط انتشار هذا النوع من التضليل وتقديم أفكار وقضايا تقود إلى الابتعاد عن الواقع الاجتماعي.
لا بد من إبراز نقطة تتعلق بالتسمية الخاصة بالقنوات الدينية، فهي ليست قنوات دينية صرفة، وجلها يقدم نشرات الأخبار والبرامج الحوارية والربورتاجات وباقي مكونات الخطاب السياسي التلفزيوني مما يجعلها قنوات تخدم أجندة سياسية لجماعات وأنظمة تتبنى مشاريع سياسية ومجتمعية مغايرة لمطامح الشعوب العربية في التحديث وولوج مجتمع الحداثة، وبالتالي فمن الصعب أن يحصل اتفاق حول ما يجب إيصاله إلى المشاهدين.
أفق الانتظار يتعلق بمضمون خطاب إعلام مدني مواطن يميز بين "الصحفي" و"الداعية " يسمح لكل منهما مجاله الذي لا يمكن الخلط بشأنه. إعلام مدني قادر على نشر القيم الحضارية والتنويرية، ومنفتح على احتياجات الناس الواقعية المنبثقة من معيشهم اليومي، يساعدهم على فهم العالم الذي يعيشون فيه والانصهار في مسلسل الحداثة وليس تعزيز الإتجاهات النكوصية.
** د. حسين محمد ربيع عثمان، مصر / هل تساهم آليات التنظيم القانوني في تعديل مسار الإعلام المصري؟ رؤية الإعلاميين والأكاديميين لتأثير قانون تنظيم الصحافة والإعلام الجديد على الممارسة المهنية في القنوات الفضائية المصرية
يكثر الحديث ويتشعب في الأوساط الإعلامية والثقافية والأكاديمية حول ما تقدمه أكثر من 700 قناة فضائية عربية اختلط فيها الحابل بالنابل، وامتزجت القنوات الجادة والمسؤولة بقنوات الشعوذة والفتاوى على الهواء، إلخ، وإذا كانت القلّة القليلة من هذه الفضائيات ملتزمة بالمهنية والحرفية والحرية المسؤولة وأتت بإضافات جديدة، خاصة في تقديم الرأي والرأي الآخر وأعطت الفرصة للأطراف المختلفة لإيصال صوتها للآخر وشكّلت منبرًا للنقاش والحوار لإفراز سوق حرة للأفكار، فإن الغالبية العظمى من الفضائيات العربية خرجت عن الأخلاقيات والمهنية والالتزام بالآداب العامة والنظام العام لتقدم منتجًا إعلاميًا بعيدًا كل البعد عن واقع الشارع العربي واهتماماته وطموحاته وعن عاداته وتقاليده ودينه ومبادئه. هذا الوضع جعل الشارع العربي يتساءل عن الهدف من حرية الكلمة والرأي والمغزى من هذا الزخم الإعلامي الفضائي، ما الفائدة من الحرية التي تؤدي إلى الانحلال الخلقي والتي تشكّل خطرًا على النسيج الاجتماعي والوحدة الوطنية والنظام العام والآداب العامة، وهو ما يتنافى مع الحرية المسؤولة والرسالة الاجتماعية الملتزمة.
وبناءً على ما سبق، لا يزال النقاش حول تنظيم الإعلام بمختلف وسائله وأشكاله خاضعًا إلى ثنائية القانون والمواثيق الأخلاقية؛ فالبعض يدافع عن ضرورة أن تخضع الممارسة الإعلامية لقانون ينظمها عملها، والبعض الآخر يتمسك بالمواثيق الإعلامية باعتبارها الآلية الأساسية لتنظيم علاقة الإعلام بالمجتمع ودوره فيه.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن هناك نوعان من التنظيم يخضع لهما العمل الإعلامي في كل دول العالم تقريبًا، الأول هو التنظيم القانوني، والثاني هو التنظيم الذاتي؛ ويتم التنظيم القانوني من خلال القوانين المختلفة سواء المتعلقة مباشرة بالإعلام والصحافة مثل قوانين المطبوعات والصحافة، أو التي تتصل بالعمل الإعلامي مثل قوانين العقوبات أو الجزاء والإجراءات الجنائية وغيرها، وكل هذه القوانين تنظّم علاقة الإعلام بالمجتمع ومسؤولياته وحدود حريته، بينما ينبع النوع الثاني من التنظيم الذي يخضع له الإعلام من داخل مهنة الإعلام نفسها وهو ما يطلق عليه التنظيم الذاتي، ويعنى ما يضعه الإعلاميون من قواعد للعمل الإعلامي يلزمون أنفسهم بها وتصب في النهاية في صالحهم كإعلاميين وفي صالح مهنة الإعلام وأخيرا في صالح المجتمع ككل.
والمتابع للإعلام الفضائي المصري يرصد عددًا من المشاكل على رأسها سيطرة أفراد يشرفون على هذا القطاع وهمهم الوحيد هو الربح بغض النظر عن الوسيلة والطريقة للوصول إلى هذا الربح، ومن هؤلاء من لا يعرف شيئًا عن الصناعة الإعلامية والمسؤولية الاجتماعية للإعلام، وجاء قانون تنظيم الصحافة والإعلام الذي ينتظر إقراره من مجلس النواب ليضع مجموعة من الضوابط التي تنظّم عمل الإعلام المصري المطبوع والمرئي والالكتروني، فهل سيكون إقرار هذا القانون كافيًا لحل مشكلة الفوضى الإعلامية التي تسيطر على المشهد الإعلام المصري خلال السنوات الأخيرة؟
ومن ثمّ، فإن هذه الورقة تهدف إلى محاولة الإجابة عن سؤال مفاده : ما مدى إمكانية مساهمة آليات التنظيم الذاتي والقانوني في ضبط وتنظيم المشهد الإعلامي الفضائي، وذلك بالتطبيق على المشهد الإعلامي المصري الذي لا ينفصل على مجمل المشهد الإعلامي العربي، وذلك من خلال رصد رؤية الإعلاميين الممارسين في القنوات الفضائية المصرية والأكاديميين المتخصصين في الإعلام بالجامعات المصرية لدور قانون تنظيم الصحافة والإعلام الجديد في تعديل مسار المشهد الإعلامي المصري الذي يشهد حالة من الارتباك والفوضى خلال السنوات التي أعقبت ثورة 25 يناير 2011.
** روي الجريجيري، لبنان / التحولات الإعلامية والواقع السياسي-الاجتماعي في لبنان: تقهقر دور "تلفزيون لبنان" لصالح التلفزيونات الطائفية
عام 1977، دمجت الحكومة اللبنانية شركتي التلفزيون الخاصتين لتؤسس "تلفزيون لبنان"، محتفظة بـ50% من رأسمال الشركة الجديدة. ورغم احتفاظ "تلفزيون لبنان" بالحق الحصري في البث على جميع الأقنية VHF حتى العام 2012، كما نصّ القانون، ساهم استمرار الحرب الأهلية (1975-1990) وتقهقر أجهزة الدولة ومؤسساتها في تغيير مجرى الأمور. إذ بدأت عام 1985 المحطات المحلية غير الشرعية بالظهور تباعاً، لتتخطى عام 1991، أي بعيد انتهاء الحرب، الأربعين محطّة. في موازاة ذلك، تقاسم فريقا الصراع الرئيسيان "تلفزيون لبنان" وجعلاه في فترات مختلفة من الحرب جزءاً من الترسانة الحربية، فبثّت TL1 انطلاقاً من "بيروت الشرقية"، وكلّ من TL2 وTL3 انطلاقاً "من بيروت الغربية". عانى التلفزيون العام بالتالي من العمليات الحربية، فتحوّل مقرّاه ومراكز بثّه إلى هدف للقصف، لأعمال التخريب أو للمصادرة، إلا أنه استمرّ في الإنتاج حتى في أحلك فترات الحرب.
بعد الحرب، دفعت الفوضى في المرئي والمسموع بالحكومة إلى التدخّل لإعادة تنظيم هذا القطاع. فكان القانون رقم 382 (بتاريخ 10 تشرين الثاني 1994) الذي رخّص لأربع محطات خاصة، محاولاً في الوقت ذاته إعادة الاعتبار والدور للمحطة العامة (كانت الحكومة قد اشترت ما تبقّى من أسهم للقطاع الخاص). إلا أن المحاصصة الطائفية التي تجذّرت في مرحلة السلم، في القطاع الاعلامي كما في قطاعات خاصة وعامة عديدة، همّشت "تلفزيون لبنان" لصالح المحطات الخاصة التي تقاسمتها القوى الحزبية-الطائفية (Le Pottier, 2003 : 57). هذا وغابت أهمية دور المحطة العامة عن الثقافة الشعبية لدرجة أنه عندما تم إقفالها في آذار 2001 (أعيد افتتاحها بعد 3 أشهر)، لم تشهد الساحة الداخلية أياً من ردود الفعل الشعبية كالتي شهدتها اليونان (بعد قرار حكومتها بإقفال التلفزيون العام) في حزيران 2013: "أما خيبة الأمل الكبرى فتسبب بها الشعب اللبناني الذي لم يحرك ساكناً ليحتجّ ضد القرار الحكومي (...). فبقي الجمهور خامداً ولم يظهر أي تعاطف مع التلفزيون الأول في الشرق الأوسط" (بولس، 2007: 227).
رغم ذلك، تأقلم التلفزيون العام مع جوّ تنافسي حادّ واستطاع أن يحتلّ موقعاً متقدّماً لناحية نوعية البرامج التي يقدّمها، إضافة إلى احتلاله الموقع الثاني لناحية نسبة المشاهدين، وذلك حتى نهاية التسعينات. إلا أن المشهد الإعلامي والاتصالي الجديد، المعقّد والمتغيّر دوماً، ساهم في تراجع دور "تلفزيون لبنان"، حتى بات يحتلّ الموقع الأخير (من أصل ثماني محطات) لناحية نسبة المشاهدين كما لناحية الإنتاج. من هنا، تهدف هذه الورقة البحثية إلى تحليل واقع التلفزيون العام مقارنة بالتلفزيونات الخاصة في المشهد اللبناني، منطلقة من فرضية أن الواقع السياسي-الاجتماعي المحلي المذكور آنفاً، معطوفاً على الواقع الإعلامي الجديد (ظهور وسائل إخبارية واتصالية جديدة، لجوء الشخصيات العامة إلى وسائط اتصالية جديدة للتسويق، ظهور تقنيات جديدة لا تستطيع المحطة العامة تبنّيها خلافاً للمحطات الخاصة ذات التمويل الداخلي والخارجي المرتفع، إلخ.)، ينهي عملياً دور "تلفزيون لبنان".
** عزيز لعبان، الجزائر / المشاهدة التلفزيونية في زمن التكنولوجيات الحديثة للاتصال : تغيير في الطقوس وتحوّل في الممارسات
لم تسلم وسائل الإعلام منذ ظهورها وبروزها كوسائل للإعلام الجماهيري في الثلاثينيات، من سنّة التطوّر والتغيّر والتحوّل (التكنولوجي فيما يخصها). فكلّما ظهرت وسيلة من الوسائل لفتت الانتباه والاهتمام، وشغلت المهتمّين من الباحثين بدراستها وتفسير علاقتها مع المجتمع في حقبة زمنية ما، وبمجرد ظهور وسيلة جديدة تنبأ الجميع باستخلافها للوسيلة الكلاسيكية. حدث هذا مع الصحافة المكتوبة عندما ظهرت الإذاعة، ومع السينما عندما اخترع التلفزيون، والتساؤلات نفسها تطرح علينا اليوم فيما يتعلق بالتلفزيون مع ظهور التكنولوجيات الحديثة للاتصال، وبصفة خاصة شبكة الإنترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي.
إذا سايرنا طرح بعض الباحثين فإن "الإعلان عن نهاية التلفزيون هو شعار لا يحمل دلالة كبيرة" بدليل أن كل المؤشرات الأمبريقية تشير إلى زيادة الاهتمام بالمضامين التلفزيونية لا سيما الدرامية منها (المسلسلات، الأفلام)، وأن الكثير من الدراسات الميدانية التي اشتغلت على المشاهدة التلفزيونية في ظل وجود التكنولوجيات الحديثة للاتصال، تؤكد على أن الإقبال في تزايد مستمر، في أسوأ الحالات يستقر، ولا يتناقص.
إذا تأكّد لنا أن اندثار التلفزيون لن يكون غدا، فإن التساؤلات الملحّة علينا اليوم هي :
- هل التلفزيون الذي نتحدث عنه اليوم هو نفسه التلفزيون الذي شغل الباحثين الأكاديميين بالتنظير طوال النصف الثاني من القرن العشرين؟
- إذا كان التلفزيون في علاقته مع وسائل الإعلام التقليدية شكّل المتغير المؤثر، إذ غيّر من طبيعتها، ولم تتغيّر طبيعته. فهل يمكننا تأكيد هذه الخطية (Linéarité) في علاقة التلفزيون مع الوسائط الجديدة ؟
- إذا شاهد المستخدم فيلما على جهاز الكمبيوتر، أو تابع مسلسلا تلفزيونيا على هاتفه الذكي، هل نعدّه من جمهور التلفزيون، أو من مستخدمي الوسائط الجديدة ؟
- ما هي انعكاسات الإجابة على السؤال الأخير، على أنماط وعادات المشاهدة، وعلى التصورات الاجتماعية التي تنجم من تفاعل الفرد في سياقه الاجتماعي الثقافي من هذه الوسائل ؟
يرتكز اهتمامنا في هذه الدراسة على التحوّلات التي يمكن أن تطرأ على عادات وأنماط استخدام المحتويات التلفزيونية في ظل وجود التكنولوجيات الرقمية. ننطلق من افتراض أنه بقدر ما نشهد تحوّلات حقيقية في طقوس الاستخدام لاسيما عند المستخدمين الشباب، فإنّ بعض الممارسات التي يمكن أن نسميها كلاسيكية ما زالت تقاوم هذا التغيير والتحوّل بفعل البنيات الثقافية التي تشكّل أساسا لتجذر بعض الممارسات التي تشكلت في تفاعل مع التلفزيون في المرحلة التي كان فيها هذا الأخير في مركز أو محور حياة الأفراد. ولعلّ التعايش بين هذه الممارسات الكلاسيكية والجديدة، ينتج لنا وضعيات جديدة للتعرض والمشاهدة، إلى درجة أن البعض يتحدث عن الانتقال من وضعية téléspectateur إلى وضعية télé visionnage ويستدلّون على ذلك بانتقال المشاهدة من جهاز التلفزيون إلى وسائط أخرى كالكمبيوتر مثلا، أو الهاتف الذكي، أو اللوحة الإلكترونية (tablette)، ممّا أدى إلى تفكيك البنية الزمنية للاستهلاك بكسر روتين المواعيد التلفزيونية، التي تعدّ الأساس في تنظيم الزمن الاجتماعي للمشاهدة، إذ أنها هي التي تخلق طقوسا قارة ودائمة ومنتظمة بين المشاهد وما يشاهد، وتعدّ هذه من الخصوصيات التي تميّز التلفزيون. إضافة الى تحرّر المستخدم من الفضاء والمكان، إذ لا يشترط الالتفاف حول الجهاز في البيت، بل إن المشاهدة أصبحت ممكنة في أي مكان، يتداخل فيها التعرض الفردي والجماعي.
سنحاول في هذه الدراسة فهم المشاهدة التلفزيونية من خلال العلاقة بين ثلاث عناصر أساسية وهي : الفرد المشاهد في سياقه الثقافي الاجتماعي، ثمّ التلفزيون كوسيلة مركزية في حياة الأفراد، وأخيرا التكنولوجيات الحديثة للاتصال كعامل مخلخل (déstabilisant) للعلاقة الطقوسية بين العنصرين السابقين.
** د. ميرال صبرى طه العشري ابوفريخه، مصر / إتجاهات الإعلاميين بقطاعات التليفزيون لمفهوم حرية الإعلام وآليات الممارسات المهنية بعد المرحلة الانتقالية الثانية
يعد الإعلام أحد أهم القنوات الرئيسية للحصول على المعلومات، فهي تعتمد على نقل الخبر إلى المواطن، وطرح مختلف وجهات النظر حيال هذا الخبر بما يساهم في خلق حوار معرفي قائم على الرأي والرأي الآخر ليتم نقل الصورة إلى مختلف المشاهدين كل حسب معتقداته وأفكاره وأيديولوجيته الفكرية.
والإعلام دور مهم في توجيه الرأي العام المصري والتأثير علي اتجاهاته، وبروز هذا الدور بشكل أكثر وضوحا بعد ثورة 25 يناير2011 حول الحرية المتاحة لوسائل الإعلام المختلفة سواء كانت مقروءة أو مسموعة أو مرئية، قد تصاعدت في الفترة الأخيرة نبرة العداء للصحافة ووسائل الإعلام بوجه عام وتحميلها مسئولية ما يحدث في المجتمع المصري وتصويرها على أنها المحرض الرئيسي لما يحدث فى البلاد بل تم تشويه صورة العديد من الصحفيين والإعلاميين، حيث انقسمت الآراء بين اتجاهين مختلفين كل منهما يطرح مبررات تدعم رأيه.
أولهما: يري أنه لابد من تقليص مساحة الحرية الممنوحة لوسائل الإعلام المختلفة نظرا لسوء توظيف القائمين عليها لهذه الحرية، بالشكل الذي جعل من وسائل الإعلام منابر للسبّ والقذف من ناحية.
وثانيهما: يعتبر أن حرية الإعلام مازالت منتهكة، وأن ما يحدث من استهداف للصحفيين والإعلاميين في الميادين ما هو إلا مظهر من مظاهر هذا الانتهاك، الأمر الذي زاد من حالة الانفلات الإعلامي دون ضوابط أو قواعد تحكم الأداء الإعلامي، بينما لم تقم السلطة الانتقالية التي تولِّت الحكم ممثلة في الرئيس عدلى منصور بأية خطوات لإعادة تنظيم الإعلام المصري هيكليًا وتشريعيًا بما يتناسب و الواقع الجديد. ومع بداية حالة الاستقطاب والانقسام بين القوى السياسية التي شاركت في الثورة وكذلك التصعيد ضد الصحفيين والإعلاميين في الوقت الذي يتم فيه أيضا تشديد الرقابة والتضييق على الإعلاميين على الصعيد القانوني، فلم تشهد الساحة المصرية أية تطورات إيجابية على وضعية حرية الرأي والتعبير، وإنشاء نقابة للإعلاميين تحفظ حقوقهم واستمرت العديد من الانتهاكات في مختلف أشكالها بعد ثورة 30 يونيو، فبالرغم من تعهد المرحلة الانتقالية بصون حرية الرأي تعبير التي ستكون على رأس أولوياتها، وسيعمل على أن يكون الدستور ضمانة أساسية وقوية لحرية الرأي والتعبير، إلا أن الواقع أشار إلى عكس ذلك فنجد الدستور المصري فرض عدة قيود جديدة على حرية الصحافة، بما في ذلك إقامة هيئة تنظيمية قومية وسلطة جديدة لإغلاق وسائل الإعلام، كما ألزم الدستور الدولة بأن تكون الصحف ووسائل الإعلام المملوكة لها محايدة، ومعبرة عن كل الآراء الفكرية والسياسية والمصالح الاجتماعية لأبناء وفئات الشعب المصري كافة، دونما احتكار لها من حزب حاكم أو أغلبية برلمانية، ولكي يكتمل استقلال الصحافة القومية، ومعها الإعلام المرئي والمسموع المملوك للشعب ويتحقق للإعلام عمومًا ما يجب أن يكون عليه من التزام مهني وقانوني وأخلاقي، أنشأ الدستور هيئتين وطنيتين لإدارة كل وسائل الصحافة والإعلام القوميين بصورة مستقلة تماماً عن كل الهيئات والمؤسسات، وسيتم إنشاء المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام الذي يعد بمثابة المظلة الأوسع التي تعمل ضمنها كل الصحف ووسائل الإعلام بمختلف صورها، ويكون لها استقلال تام ومسئولية، بدون تدخل من أية جهة.
مشكلة الدراسة: تتبلور مشكلة الدراسة في اتجاهات الإعلاميين بقطاعات التليفزيون لمفهوم حرية الإعلام وآليات الممارسات المهنية بعد المرحلة الانتقالية الثانية في باختلاف نمط ملكيتها (قومية – حزبية – خاصة) وتوجهاتها الأيديولوجية نحو فكرة تأثير المرحلة الانتقالية على اتجاهات الإعلاميين لمفهومة حرية الإعلام وآليات الممارسات المهنية التي يشهدها المجتمع المصري، ويرتبط ذلك بشكل أساس بطبيعة الأداء الإعلامي والممارسة المهنية للقائم بالاتصال التي تعكسها طبيعة التناول والمعالجة للقضايا والموضوعات المختلفة على صفحاتها، وترتبط كذلك بمدى وعى وإدراك القائمين بالاتصال العاملين بقطاع التليفزيون بالمسئوليات والمعايير والضوابط الأخلاقية والقانونية التي تحكم عملهم، فضلا عن الضغوط المهنية للمؤسسات الإعلامية التي ينتمون إليها والضغوط القانونية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتي تكون محددة وفقا لاتجاهات القائمين بالاتصال تجاه عملهم في قطاع التليفزيون عن طريق التشريعات الإعلامية التي تنظم عملهم وتقنن طبيعة ممارسة الإعلام وأخلاقيات وقيم المهنة .
انطلاقا مما سبق تتحدد مشكلة الدراسة في الإجابة على التساؤل الرئيسي التالي :ما هي كيفية تأثير اتجاهات الإعلاميين بقطاعات التليفزيون لمفهوم حرية الإعلام وآليات الممارسات المهنية بعد المرحلة الانتقالية الثانية؟
** أ.د. أشرف جلال، قطر / التليفزيون العربي بين بيروقراطية القطاع العام وآليات الإعلان التجاري للقطاع الخاص المشاكل والحلول.. رؤية مستقبلية
شهدت الأنظمة الإعلامية العربية العديد من التغيرات في الفترة الأخيرة، وكانت هذه التغيرات بمثابة انعكاسات للعديد من الضغوط الداخلية والخارجية ومن بين الضغوط الخارجية الاتجاه العالمي المتنامي نحو تحرير وسائل الإعلام من قبضة السلطة المركزية Decentralization وإعطاء قدر أكبر من الحرية لدخول القطاع الخاص وتشجيع العمل بنظام السوق الحرة فى مجال الأفكار والموضوعات والاتجاه نحو ما يسمى بالاتجاه التجارى فى وسائل الإعلامCommercialization ، ونتيجة لهذا ظهرت العديد من القنوات الفضائية العربية العامة والمتخصصة المفتوحة والمشفرة، وكان من الطبيعي أن يتأثر البناء الداخلي للأنظمة الإعلامية العربية بهذه التطورات غير المسبوقة في العالم العربي.
منذ ظهور القنوات الفضائية في بداية العقد الأخير من القرن الماضي بدأت التليفزيونات العربية الحكومية تعايش واقعا جديدا تحكمه آليات السوق بمعاييره التجارية بعيدا عن منطق الاحتكار الذي ظل سائدا في العالم العربي لمدة تزيد عن ربع قرن، والواضح أن التليفزيونات العربية الحكومية لم تكن مهيأة لظهور هذا الواقع الجديد وبالتالي لم يعد قادرة على مواجهة المنافسة مع القنوات الخاصة لتي تعاملت مع الجمهور بتوليفة جديدة تعلي من رغباته على حساب احتياجاته وهو ما اكسبها زخما كبيرا انعكس على أرقام الإعلانات والبرامج المكفولة .
وبدلا من أن يطور التليفزيون في الدول العربية من رؤيته والياته لمجابهة تلك المنافسة استسلم لها بل وأمعن في الاستهانة بعقلية الجمهور مدفوعا بالخوف من السيطرة الحكومية من جانب وبالافتقار إلى كوادره الماهرة والمدربة والتي هجرته أمام إغراءات تلفزيونات القطاع الخاص سواء في إطار نفس البلد أو في التليفزيونات الخليجية، ويكفي الإشارة إلى أنه في الوقت الذي كان فيه ميدان التحرير يعج بالثوار إبان الثورة المصرية ويزخر بالعديد من الأحداث الساخنة، كانت القنوات الحكومية المصرية الأرضية والفضائية تركز كاميراتها على كوبري أكتوبر الخالي من المارة في تحد صارخ ليس فقط لحق الجمهور في المعرفة بل لأبسط قواعد وأبجديات الاتصال .
ولا يعني ذلك أن تلفزيون القطاع الخاص لم يفرز سلبيات لأن سيطرة الطابع التجاري فرضت بطبيعتها آليات السوق وانساقت القنوات وراء التردي الواضح فيما تقدمه من برامج مدفوعة بمقولة الاستجابة لرغبات الجمهور، وبدلا من أن ترتقي تلك القنوات بالذوق العام للجمهور قامت بتشكيل أذواقه من خلال تقديم مضامين سهلة سطحية أسهل في التلقي كالفيديو كليب والدراما وبرامج الحظ والمسابقات واكتشاف المواهب وغيرها من المضامين التي تساعده على الهروب من مواجهة مشاكله اليومية والإنزواء في إطار رغباته الترفيهية .
ورغم البحوث والدراسات العديدة التي حذرت من هذا الوضع، إلا أن أحدا لم يلتفت إلى خطورة ما يعانيه التليفزيون الحكومي ببيروقراطيته ومركزيته وجموده وعدم مواكبته للتطور الفكري والبرامجي والتكنولوجي من جانب، وما يعانيه تلفزيون القطاع الخص من سيطرة رأس المال وتحكم المعلن واليات السوق بفرض برامج معينة في أوقات محددة لأشخاص بعينها مما أدى إلى هبوط الذوق العام وأصبح المشاهد العربي بين سندان المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يعايشها يوميا ومطرقة الهروب نحو مضامين سطحية وهابطة في أغلبها تروج لأفكار أو أشخاص وتنطلق من فكرة الهاء الجمهور بل وتغييبه عن واقعه المعاش وعدم السماح له حتى بالتعبير عن نفسه، فلم تعد القضية في الشكل الحكومي سواء بوجود الوزارات أو إلغائها بل القضية في الرؤية والسياسات والتشريعات التي تحكم العلاقة بين الإعلام والإعلان من جانب والجمهور من جانب آخر، فرغم إلغاء وزارات الإعلام في الإمارات والأردن وقطر إلا أن المؤسسات البديلة والتي تم استحداثها مارست نفس الأدوار التي تمارسها الوزارات ولكن بشكل مختلف.
وقد شهدت الدورة السادسة والأربعين لوزراء الإعلام العرب في الجامعة العربيّة جدلا واسعا حول ماهية الإعلام والدور الحكومي في إدارته في ظل العولمة، وتباين كبير بين واقع الإعلام العربي وما يجب أن يصل إليه في مواجهة مجمل التحديات التي تواجه المنطقة إلى الحد الذي أدي إلى توجيه اتهامات متبادلة بين عدد من الوزراء حول تمويل قنوات فضائية حكومية وخاصة لزرع الفتنة وتعزيز الاستقطاب السياسي والديني.
ورغم وجود محاولات ضعيفة لمواجهة هذا الوضع إلا أنها لم تنجح في حل المشكلة ومنها محاولة جمعية مؤلفي الدراما العربية التي عقدت مؤتمرا بعنوان "أزمة الدراما التلفزيونية بين الإعلام والإعلان" اعتراضا على حالة التردي التي وصلت إليها الدراما المصرية بسبب تخلي التلفزيون عن دوره التربوي والتثقيفي وسيطرة الإعلان على مقدرات العمل الفني؛ ما أدى إلى تراجع قيمة النص الدرامي وانهيار الكلمة وكذلك ظاهرة النجوم والمبالغة الكبيرة في الأجور وتفصيل العمل لنجم بعينه، كما قررت الحكومة الأردنية في أغسطس من العام الحالي إطلاق محطة تلفزيون وطنية جديدة قائمة على مبدأ "الخدمة العامة"، بما تعنيه من استقلال تحريري وتمثيل فعلي لمكونات المجتمع، لضمان تأثير أكبر في الرأي العام الذي ابتعد كثيراً عن متابعة برامج المحطات الرسمية المشغولة بتلميع صورة المسئولين بعيداً من اهتمامات المواطن وأولوياته إلا أن القناة المقترحة لم تر النور وسط حالة من عدم التفاؤل في الأوساط الأردنية نتيجة حدة المنافسة من القنوات العربية الخاصة، وفي قطر حاولت الحكومة إنقاذ التليفزيون القطري بتشكيل لجنة لتطويره انطلقت أعمالها في العيد الوطني عام 2012 واستمرت أعمالها قرابة السنة إلا أن عملية التطوير جاءت في النهاية شكلية وقام بها مسئولون اغلبهم من قطاع البترول وفي مجال الموارد البشرية قياسا على نجاحهم في القطاع النفطي دون إدراك واضح لطبيعة الفروق بين عمل القطاعين، وتكرر نفس الأمر في السعودية والكويت والبحرين بصورة مختلفة.
والغريب أن نفس المنطق الحكومي لم يحكم فقط القنوات الأرضية بل والفضائية التابعة للدولة مما يعكس أن المشكلة ليست في نمط البث بقدر ما هي مشكلة جوهرية في طبيعة ونمط الفكر وعجز العقلية الحكومية عن إدراك حتى طبيعة مشكلتها وكيفية تأقلم التلفزيون الحكومي مع الواقع الجديد وضعف قدرته على خلق توازن بين مهمته كمرفق عمومي ومقتضيات المنافسة التي يفرضها عليه منطق السوق خاصة مع بروز القنوات الخاصة وعددها والتي أجهضت مفهوم الإعلام التقليدي والإعلام النخبوي والإعلام ذو الصوت الواحد حيث أصبحنا أمام إعلام متعدد الأصوات سواء كان فضائيا أو الكترونيا، فمهمة الإعلام لا يمكن أن تكتمل إلا إذا تحققت الحقوق الاتصالية للأفراد، والتي تتمثل في حق المواطن في أن يَعلم، وحقه في أن يُعلم عن نفسه، ولكن ذلك الحق يُنتهك بشكل واضح في دول الوطن العربي، فيتوقف مفهوم الإعلام لديهم في الإعلام فقط دون إعطاء المواطنين الفرصة للتعبير عن أنفسهم، وعندما أتاحت القنوات الفضائية - ومن بعدها مواقع التواصل الاجتماعي - تلك الفرصة أصبح لدينا مواطنون صحافيون تمكنوا من التأثير في الرأي العام .
وتطرح الورقة محاولة لإيجاد نموذج اقتصادي وإعلامي قادر على أن يضمن جدوى التلفزيون واستمراريته مع تحديد مكانة التلفزيون الحكومي ومشاكله في ظل هذا السياق مع وضع الحلول الممكنة لمعالجتها ولذلك فالأمر يتطلب رؤية مختلفة تجمع بين طرفي المعادلة الإعلامية التقليدية في الجمع بين الاحتياجات والرغبات وتقديم ما يفيد الجمهور في إطار ما يمتعه بصرف النظر عن الشكل سواء كان فضائيا أم ارضيا، حكوميا أم خاصا من خلال استعراض لأدبيات الدراسات واهم النماذج والتجارب العربية والأجنبية في هذا المجال.
** Noureddine Miladi, Qatar / Public Service Broadcasting, Citizenship and Democracy in Tunisia: Challenges and Promises
After decades of Ben Ali’s regime total control, public service media have been significantly evolving since the revolution of 14 January 2011 in terms of content and regulations. Radio, TV and public service press are not any more tools in the hands of the ruling regime but potentially spheres for free speech and public interaction. However, in spite of the regime change, Public Service Broadcasting (PSB) does not seem to have witnessed palpable reform. For instance, Tunisia’s national TV channels (Al Watania TV 1 and 2), in addition to the national public radio stations have been under heavy criticism. Their legitimacy thwarted by poor programming, lack of diversity or representation of various views and at times ideological manipulations. In light of the poor performance, some even argue whether public service media would have been needed at all if it did not exist in the first place.
Through the analysis of various news programs broadcast during the last few years and a number of interviews conducted with academics, journalists, policy makers and representatives of civil society organisations this paper considers the challenges which public service media have been facing in Tunisia and the extent to which this has hampered its democratizing role after the revolution. Post 14 January 2011 epoch, various efforts have been invested in redesigning the face of PSB media in the country in terms of regulations, codes of ethics, journalism practice and editorial policy. Public service broadcasting has been overwhelmingly seen to have a mandate to serve the transition to democracy that the country has been undergoing.
By considering the global trends in broadcasting, one would argue that the public service model is gaining more and more credibility and support especially in countries that are witnessing media reform or have undergone a complete regime change such as the Eastern European democracies. Therefore this paper questions the role of PSB media in Tunisia’s democratic transition. It does examine the problematic of various TV and radio channels and asks about the reasons for this poor performance in serving the public good and its very raison d'être. It also highlights the potential role public media can perform in informing, educating and protecting the interests of the public at large.
Moreover, by considering global trends in public service broadcasting, such as the successful models in Europe and USA, this paper suggests strategies for supporting and institutionalising the independence and legitimacy of public service media in Tunisia. It seeks further signposting on enhancing and promoting the inculcation of its ethos and values among the public, political elite as well as journalists working in the sector itself.
** Dr. Sofien Ammar, Tunisie / Le code éditorial de l’Etablissement de la Télévision Tunisienne : "Une causalité multifactorielle"
** Dr. Sofien Ammar, Tunisie / Le code éditorial de l’Etablissement de la Télévision Tunisienne : "Une causalité multifactorielle"
Dès les années 1990 Etchegoyen parlait d’une mise en spectacle de l’éthique (Etchegoyen Alain, 1991). Le phénomène n’est pas passé inaperçu, bien au contraire, il a été abordé tant par les professionnels que par les chercheurs. Nombreuses sont les recherches à s’intéresser à l’étude des règles et normes, soit au sein de la société (système social), soit dans les systèmes spécifiques (entreprises, organisations, etc.). Boltanski et Thévenot évoquent la terminologie de "principes supérieurs communs". De son côté, Cyril Lemieux utilise, lors de ses analyses du champ journalistique, la notion de "grammaires journalistiques[1]". Quant à Jean Charron et Jean de Bonville, ils emploient la notion de "paradigme" pour mettre en relation le journalisme et le travail sous l’égide d’un ensemble de normes, d’un dispositif sociocognitif collectif dans un cadre spatiotemporel bien déterminé.
Le débat déontologique prend plus d’ampleur, surtout lorsqu’on l’insère dans un champ assez particulier, trop complexe et souvent actualisé, celui du journalisme, sur lequel pèsent de nombreuses exigences morales et professionnelles. Cette thématique est d’autant plus importante dans les sociétés en période de transition politique pendant laquelle les journalistes sont appelés à produire une information de qualité. Tel est le cadre général de notre recherche qui consiste à analyser les dispositifs d’autorégulation du champ journalistique tunisien, par l’étude de l’élaboration du code éditorial de l’Etablissement de la Télévision Tunisienne (ETT). Ainsi, pourquoi la chaîne Tunisienne a "codifié sa vertu" par l’élaboration de son propre texte maison ? Et que doit cette décision aux contextes spécifiques de la chaîne et aux mutations générales de la profession journalistique en Tunisie ?
Si l’analyse du changement au niveau des pratiques professionnelles des journalistes de la Télévision Tunisienne, en particulier la première chaîne Al-Wataniya 1 reste forcément très limitée dans le cadre de cette recherche, elle aura peut-être le mérite de comprendre la genèse et le processus d’élaboration de code éditorial et l’appropriation de cette charte par les journalistes eux-mêmes.
Notre perspective s’insert dans une approche multidimensionnelle qui dépassera la pensée simplificatrice de l’évolution du débat déontologique, en articulant l’approche systémique et l’approche stratégique. Au-delà d’une unification rigide, nous tentons d’assurer une connexion souple, mais indispensable, entre les facteurs exogènes et les logiques des acteurs en interne.
[1] Cyril Lemieux distingue trois types : les règles de distanciation, les règles naturelles et les règles de la réalisation
** Simon Gadras, France / Euronews et les réseaux socionumériques : l’exemple de la Conférence de Paris sur le climat
Euronews est un cas assez unique de télévision multilingue d’information en continu. Lors de sa création en 1993, la chaîne s’est vu attribuer une mission de service public d’information au niveau européen (Vissol, 2005). La majorité de ses contenus est fournie par les télévisions publiques de pays européens et méditerranéens (Marchetti & Baisnée, 2002), actionnaires de la chaîne. Toutefois, en 2015, Euronews annonce de nouveaux projets, suite à l’arrivée d’un actionnaire privé égyptien Naguib Sawari. Elle affiche notamment sa volonté d’investir dans les nouvelles formes d’information en ligne. Dans cette période de changement pour la chaîne, notre communication s’intéresse à la façon dont Euronews utilise actuellement le web et les réseaux socionumériques (RSN) Facebook et Twitter.
L’utilisation du web par les médias et les journalistes fait l’objet d’une multitude de recherches ces dernières années. Ces travaux essayent notamment de comprendre comment les RSN s’intègrent progressivement aux pratiques professionnelles des journalistes (Hermida, 2013 ; Zeller & Hermida, 2015) tout en les cadrant (Parmelee, 2013). Ils observent que des réseaux comme Twitter constituent à la fois de nouvelles sources d’information pour les journalistes (Broersma & Graham, 2012, 2013), des espaces de construction de leurs relations socio-professionnelles (Jouët & Rieffel, 2015 ; Chacon et al., 2015) et des lieux de mise en scène de leur identité socio-professionnelle (Hermida, 2010 ; Lawrence et al., 2014 ; Coddington et al., 2014).
Il existe toutefois moins de travaux qui s’intéressent à la façon dont les médias en tant qu’entreprises ont recours à ces mêmes outils. On constate qu’ils déploient depuis plusieurs années des stratégies de multiplication des supports et des formats, en particulier sur internet (Severo, 2014). Aux Etats-Unis, Messner et al. (2013) ont montré que les principaux médias de la presse écrite et de la télévision utilisent les RSN avant tout dans une logique de diffusion et de promotion, et pas d’interaction avec les internautes. Concernant les médias à dimension européenne, l’exemple des pure players montre que leur travail de community management articule la promotion du média en tant que marque avec la promotion de l’idée européenne soutenue par ces journalistes (Tixier, 2013).
A la suite de ces travaux, notre travail porte sur la façon dont Euronews utilise les comptes à son nom sur Facebook et Twitter. Nous évaluerons dans quelle mesure la promotion de l’entreprise coexiste avec la valorisation de l’idée européenne et de la nécessité d’une information transnationale pour alimenter un potentiel espace public européen (Dacheux, 2008).
Pour ce faire, nous nous appuierons sur les résultats d’une analyse thématique du contenu des comptes Euronews sur ces RSN pendant la période de la conférence COP21 à Paris, du 30 novembre au 12 décembre 2015. La couverture de cet évènement donne à voir d’importants enjeux liés à la diplomatie internationale et au rôle de l’Union européenne dans le monde. Il s’agit également d’étudier la mise en scène des contenus diffusés par Euronews, à la fois dans l’espace sémiotiquement contraint proposé par les RSN, via la formulation des messages, images et vidéos qu’ils y diffusent, mais aussi sur les pages du site internet de la chaîne auxquelles les liens diffusés sur les réseaux sociaux renvoient. Nous analyserons également la façon dont cette mise en scène varie selon les versions linguistiques (française et anglaise) puisque la chaîne propose un compte par langue sur chaque réseau, ainsi qu’un site web dans chaque langue.
** Dr. Kamel Hamidou, Qatar / L’audiovisuel français à l’ère du numérique : les implications socio-culturelles et économiques d’une segmentation de l’audience
De nos jours, un des aspects fondamentaux qui caractérisent les avancées technologiques dans le domaine des nouvelles technologies de l’information et de la communication est la possibilité technique, désormais offerte, d’opérer une convergence entre l'informatique, les télécommunications et la télévision. La technologie du numérique permet de plus en plus d’usages multiples via des supports différents tels que téléviseurs, téléphones et ordinateurs. Cette convergence a induit une multiplication des nouvelles offres de services qui se caractérisent le plus souvent par une grande interactivité, et devrait à moyen terme donner naissance au mariage d'Internet et de la télévision.
Par ailleurs, et grâce aux techniques de compression, la numérisation de la diffusion tend à multiplier le nombre de canaux disponibles : la première conséquence est une offre de programmes plus abondante, d’où l’apparition de bouquets qui proposent un nombre croissant de chaînes thématiques. La seconde conséquence est le développement de la vidéo à la demande ou du paiement à la séance, permettant même le re-visionnage de films ou d'événements déjà diffusés ou retransmis, ainsi que le transfert de programmes informatiques, de jeux vidéo, de fichiers de données et d’accès direct à Internet.
Nous assistons donc à un bouleversement majeur qui touche le monde de la télévision, non seulement en ce qui concerne l’offre télévisuelle, mais aussi en ce qui concerne la réception des programmes télévisuels : il est ainsi pertinent de s’interroger sur les conséquences culturelles, idéologiques et politiques d’un tel changement. Jadis, la télévision – en tant que média de masse par excellence – avait pour mission de diffuser des contenus d’information ou de distraction indifférenciés à une audience certes éparpillée, mais plus ou moins homogène. Le nombre de chaînes se comptait sur les doigts d’une main, et les chaînes généralistes étaient les plus à même d’offrir des programmes couvrant des sujets ou des événements consensuels et fédérateurs. C’est ainsi qu’on qualifiait le journal télévisé de vingt heures de "messe du 20 heures", tant il constituait un moment de communion collective rassemblant des millions de citoyens appartenant à une même nation.
Or de nos jours, les nouvelles technologies de l’information et de la communication permettent la télédiffusion d’une combinaison de données et d'images, et tendent à proposer une consommation individualisée de contenus disparates. Mais cette offre télévisuelle à la carte n’implique-t-elle pas le risque d’une forte segmentation de l'audience, propre à remettre en question le qualificatif de "mass" inhérent aux médias de grand public ? Quels effets socioculturels sont induits par cette segmentation, notamment en terme d’unicité culturelle et de formation de l’opinion publique ? Quels ajustements économiques imposent-elles aux chaînes généralistes, notamment pour compenser les pertes en recette publicitaires dues à l’arrivée de nouveaux acteurs télévisuels ? Quels ajustements professionnels et techniques imposent-elles aux chaînes généralistes afin d’exister dans l’espace virtuel, terrain de prédilection des nouvelles générations dites numériques ?
** Belkacem Mostefaoui, Algérie / La nouvelle configuration de l’offre télévisuelle en Algérie entre secteur d’Etat et "privé offshore" : une démonopolisation subie et non régulée
Instauré dès l’indépendance, le monopole de l’Etat sur l’audiovisuel en Algérie a subi deux séquences de démonopolisation : la première déclenchée par l’arrosage de télévisions satellitaires européennes (depuis la fin des années 80 : essentiellement francophones, arabophones et turcophones) ; la seconde depuis le début de l’année 2012. Celle-ci est portée par une quarantaine de télés, dites offshore. Elles sont de droit étranger (émettant de Jordanie, Liban, Jordanie, Grande-Bretagne, etc…) ; leurs cibles visées sont les auditoires algériens. La concurrence exercée par les opérateurs des deux catégories de télés est diverse. Dans la présente proposition de communication nous interrogerons les interférences induites sur les offres de la télévision de droit public (émettant sur cinq canaux) par la seconde vague de télés concurrentielles.
Atypique, la situation de la configuration de l’espace télévisuel algérien l’est de plusieurs niveaux. Législatif et institutionnel d’abord : même si les lois de janvier 2012 (organique sur l’information), et de mars 2014 (sur les activités de l’audiovisuel) ouvrent le champ à l’investissement privé en le secteur, aucune télé, ni radio, n’a encore d’existence de jure. Toujours à ce niveau d’analyse, l’instance de régulation (Autorité de régulation de l’audiovisuel), décrétée en grande pompe (fin 2014), n’a à ce jour d’activités réelles : son président est nommé, ses neuf autres membres projetés ne le sont pas. En résumé, deux autres niveaux d’examen des réalités nécessitent examen : d’une part les modèles économiques des deux catégories de chaînes (l’ENTV étatique) et les télés offshore ; et de l’autre ceux de leur programmation.
Afin de tracer les contours et dynamiques qui traversent la nouvelle configuration du champ télévisuel algérien, en émergence depuis le printemps 2012, trois axes de questionnement principaux guideront notre approche. Le premier tient de l’examen des dispositifs législatifs et réglementaires, qui paradoxalement ouvrent et ferment le champ télévisuel ; le second est d’économie des ressources : financières mais aussi de « fabrication » des programmes. La concurrence détourne les potentialités de l’ENTV publique à assurer réellement un service public audiovisuel ; les télés privées, elles, "naviguent" dans une situation a-légale, et de marché informel.
** Oulaï Honoré Kahi, Côte d'Ivoire / La diffusion des contenus télévisuels et les pratiques de réception des spectateurs à l'ère du numérique
Les apports du numérique ont modifié les processus de diffusion des contenus télévisuels et partant, les modalités de réception. En outre, la multiplicité des écrans a profondément transformé le rapport à l’image des téléspectateurs. Face à cet état de faits, cet article interroge les modes de diffusion et les pratiques de réception de la télévision à l’ère du numérique. Pour ce faire, nous optons d’abord, pour une revue de travaux traitant des pratiques de visionnement des contenus télévisuels et ensuite, pour une approche méthodologique qualitative d’étude de cas multiples.
Cette contribution traite des enjeux des offres incluant la téléphonie, l'Internet, et la télévision ; la diversité des terminaux de visionnement et la généralisation des accès massifs au web y sont examinées. Elle décrit le passage d'une programmation linéaire, chronologique à une programmation multimodale en passant par une programmation modulaire et une programmation assistée. L'article montre que la nouvelle télévision, qu'elle soit de rattrapage, sociale ou connectée, est désormais "à la demande", "en temps réel" et "personnalisée". La contribution explique qu'il résulte de ces formes télévisuelles une typologie d'acteurs adoptant des postures différenciées vis-à-vis d'une programmation multimodale : "téléspectature", "téléaction" et "télécréation". Ces postures spectatoriales s'inscrivent dans les axes suivants : l'axe de l'autonomie de visionnage, l'axe de la participation et l'axe des interfaces connectées. Les apports de cette contribution fondée sur les savoirs théoriques et expérientiels, ont été mis en lien avec les pratiques des foyers et des jeunes en local qui servent de référents empiriques à titre illustratif tout au long du développement. Enfin, il est montré que la convergence médiatique, au sens de recours à des dispositifs et supports technologiques, est le moteur accélérateur.
La télévision se trouve ainsi renforcée par les outils numériques qui lui confèrent une mobilité. Par ailleurs, les sites web, les blogs et les réseaux sociaux font des contenus télévisuels des évènements en ligne et leur imprègnent une logique participative.
** Dr. Nishan Rafi Havandjian et Dr. Eiman Eissa, Qatar / Analyzing Cultural Reinforcement: Case Study of Al Rayan Qatari TV Channel
The Qatari society is a conservative one that abides by its ancestor’s traditions; yet the new generations are being exposed to different cultures through the media forms available and the diversity of the workforce available. As an attempt to sustain the culture and traditions Al Rayan TV came into being with the mission of primarily targeting the Qatari audience, catering to its national identity and aspirations. While contributing to Qatar’s renaissance through developing Qataris’ national and cultural identity. It is unusual for "cultural identity" TV to be launched by private enterprise. Unlike other cultural' TVs around the world, Al Rayan TV shuns foreign programming and concentrates on locally produced material.
This research aims to analyze the role of Al Rayan TV as a tool for cultural reinforcement and identity preservation. It will examine the Social Learning Theory through analyzing the channel’s weekly programs. Next it will analyze the effects the cultural shows have on the Qatari youth through the conducting of a survey. This survey aims to show whether the aired shows succeed in reinforcing the Qatari culture and identity maintenance. Finally, in depth interviews will be conducted with Al Rayan TV professionals in order to analyze the strategy of the channel and the platforms it uses to attract its local audience.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق